سورة يونس - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يونس)


        


{وما يتبع أكثرهم} يعني: الرُّؤساء؛ لأنَّ السَّفلة يتَّبعون قولهم {إلاَّ ظناً} يظنون أنَّها آلهةٌ {إنَّ الظن لا يغني من الحق شيئاً} ليس الظنُّ كاليقين. يعني: إنَّ الظَّنَّ لا يقوم مقام العلم. {إنَّ الله عليم بما يفعلون} من كفرهم.
{وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله} هذا جوابٌ لقولهم: {ائت بقرآنٍ غير هذا} يقول: ما كان هذا القرآن افتراءً من دون الله {ولكن تصديق} ولكن كان تصديق {الذي بين يديه} من الكتب {وتفصيل الكتاب} يعني: تفصيل المكتوب من الوعد لمَنْ آمن، والوعيد لمَنْ عصى {لا ريب فيه} لا شكَّ في نزوله من عند ربِّ العالمين.
{أم يقولون افتراه} بل أتقولون: افتراه محمد {قل فأتوا بسورة مثله} إن كان مفترىً {وادعوا} إلى معاونتكم على المعارضة كلَّ مَنْ تقدرون عليه {إن كنتم صادقين} في أنَّ محمَّداً اختلقه من عند نفسه، ونظيرُ هذه الآية في سورة البقرة: {وإنْ كنتم في ريب...} الآية.
{بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه} أَيْ: بما في القرآن من الجنَّة والنَّار، والبعث والقيامة {ولما يأتهم تأويله} ولم يأتهم بعدُ حقيقة ما وُعدوا في الكتاب {كذلك كذَّب الذين من قبلهم} بالبعث والقيامة.
{ومنهم} ومن كفَّار مكَّة {مَنْ يؤمن به} يعني: قوماً علم أنَّهم يؤمنون {ومنهم مَنْ لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين} يريد: المكذِّبين، وهذا تهديدٌ لهم.
{وإن كذبوك فقل لي عملي...} الآية. نسختها آية الجهاد.
{ومنهم مَنْ يستمعون إليك} نزلت في المستهزئين كانوا يستمعون الاستهزاء والتَّكذيب، فقال الله تعالى: {أفأنت تُسمع الصمَّ} يريد أنَّهم بمنزلة الصُّمِّ لشدَّة عداوتهم {ولو كانوا لا يعقلون} أَيْ: ولو كانوا مع كونهم صمَّاً جهَّالاً! أخبر الله سبحانه أنَّهم بمنزلة الصُّمِّ الجُهَّال إذْ لم ينتفعوا بما سمعوا.
{ومنهم مَنْ ينظر إليك} مُتعجِّباً منك غير منتفعٍ بنظره {أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون} يريد: إنَّ الله أعمى قلوبهم فلا يبصرون شيئاً من الهدى.
{إنَّ الله لا يظلم الناس شيئاً} لمَّا ذكر أهل الشَّقاوة ذكر أنَّه لم يظلمهم بتقدير الشَّقاوة عليهم؛ لأنَّه يتصرَّف في ملكه {ولكنَّ الناس أنفسهم يظلمون} بكسبهم المعاصي.


{ويوم نحشرهم كأن لم يلبثوا إلاَّ ساعةً من النهار} كأن لم يلبثوا في قبورهم إلاَّ قدر ساعة من النَّهار، استقصروا تلك المدَّة من هول ما استُقبلوا من أمر البعث.
والقيامة {يتعارفون بينهم} يعرف بعضهم بعضاً تعارف توبيخٍ؛ لأنَّ كلَّ فريق يقول للآخر: أنت أضللتني وما يشبه هذا {قد خسر} ثواب الجنَّة {الذين كذَّبوا} بالبعث.
{وإمَّا نرينَّك بعض الذي نعدهم} يريد: ما ابتُلوا به يوم بدرٍ {أو نتوفينك} قبل ذلك {فإلينا مرجعهم} أَيْ: فنعذِّبهم في الآخرة {ثمَّ الله شهيد على ما يفعلون} من محاربتك وتكذيبك، فيجزيهم بها، ومعنى الآية: إنْ لم ينتقم منهم في العاجل ينتقم منهم في الآجل.
{ولكلِّ أمة رسول} يُرسل إليهم {فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط} وهو هلاك مَنْ كذَّبه، ونجاة من تبعه {وهم لا يظلمون} لا يُنقص ثواب المُصدِّق، ويُجازى المكذِّب بتكذيبه.
{ويقولون متى هذا الوعد} قالوا ذل حين قيل لهم: {وإمَّا نرينَّك بعض الذي نعدهم...} الآية، فقالوا: متى هذا العذاب الذي تعدنا يا محمَّد؟ {إن كنتم} أنت يا محمَّد وأتباعك صادقين.
{قل لا أملك لنفسي ضرَّاً ولا نفعاً إلاَّ ما شاء الله...} الآية مفسَّرةٌ في آيتين من سورة الأعراف.


فلمَّا استعجلوا العذاب قيل للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: {قل أرأيتم} أعلمتم {إن أتاكم عذابُهُ بياتاً} ليلاً {أو نهاراً ماذا يستعجل منه المجرمون} أَيٌّ شيءٍ يستعجل المجرمون من العذاب؟ وهذا استفهام ٌ معناه التَّهويل والتًّفظيع، أَيْ: ما أعظم ما يلتمسون ويستعجلون! كما تقول: أعلمت ماذا تجني على نفسك؟! فلمَّا قال لهم النبيُّ عليه السَّلام هذا، قالوا: نكذِّب بالعذاب ونستعجله، فإذا وقع آمنَّا به، فقال الله تعالى: {أثمَّ إذا ما وقع} وحلَّ بكم {آمنتم به} بعد نزوله، فلا يقبل منكم الإِيمان، ويقال لكم: {آلآن} تؤمنون به {وقد كنتم به تستعجلون} في الدُّنيا مستهزئين.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8