{وما يتبع أكثرهم} يعني: الرُّؤساء؛ لأنَّ السَّفلة يتَّبعون قولهم {إلاَّ ظناً} يظنون أنَّها آلهةٌ {إنَّ الظن لا يغني من الحق شيئاً} ليس الظنُّ كاليقين. يعني: إنَّ الظَّنَّ لا يقوم مقام العلم. {إنَّ الله عليم بما يفعلون} من كفرهم.{وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله} هذا جوابٌ لقولهم: {ائت بقرآنٍ غير هذا} يقول: ما كان هذا القرآن افتراءً من دون الله {ولكن تصديق} ولكن كان تصديق {الذي بين يديه} من الكتب {وتفصيل الكتاب} يعني: تفصيل المكتوب من الوعد لمَنْ آمن، والوعيد لمَنْ عصى {لا ريب فيه} لا شكَّ في نزوله من عند ربِّ العالمين.{أم يقولون افتراه} بل أتقولون: افتراه محمد {قل فأتوا بسورة مثله} إن كان مفترىً {وادعوا} إلى معاونتكم على المعارضة كلَّ مَنْ تقدرون عليه {إن كنتم صادقين} في أنَّ محمَّداً اختلقه من عند نفسه، ونظيرُ هذه الآية في سورة البقرة: {وإنْ كنتم في ريب...} الآية.{بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه} أَيْ: بما في القرآن من الجنَّة والنَّار، والبعث والقيامة {ولما يأتهم تأويله} ولم يأتهم بعدُ حقيقة ما وُعدوا في الكتاب {كذلك كذَّب الذين من قبلهم} بالبعث والقيامة.{ومنهم} ومن كفَّار مكَّة {مَنْ يؤمن به} يعني: قوماً علم أنَّهم يؤمنون {ومنهم مَنْ لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين} يريد: المكذِّبين، وهذا تهديدٌ لهم.{وإن كذبوك فقل لي عملي...} الآية. نسختها آية الجهاد.{ومنهم مَنْ يستمعون إليك} نزلت في المستهزئين كانوا يستمعون الاستهزاء والتَّكذيب، فقال الله تعالى: {أفأنت تُسمع الصمَّ} يريد أنَّهم بمنزلة الصُّمِّ لشدَّة عداوتهم {ولو كانوا لا يعقلون} أَيْ: ولو كانوا مع كونهم صمَّاً جهَّالاً! أخبر الله سبحانه أنَّهم بمنزلة الصُّمِّ الجُهَّال إذْ لم ينتفعوا بما سمعوا.{ومنهم مَنْ ينظر إليك} مُتعجِّباً منك غير منتفعٍ بنظره {أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون} يريد: إنَّ الله أعمى قلوبهم فلا يبصرون شيئاً من الهدى.{إنَّ الله لا يظلم الناس شيئاً} لمَّا ذكر أهل الشَّقاوة ذكر أنَّه لم يظلمهم بتقدير الشَّقاوة عليهم؛ لأنَّه يتصرَّف في ملكه {ولكنَّ الناس أنفسهم يظلمون} بكسبهم المعاصي.